صداقة الرجال وصداقة السيدات :

قد تتساءل كرجل: ما الذي يحصل مع زوجتي وصديقتها؟ إنهما تمضيان ساعات برفقة بعضهما ويكاد الكلام لا ينتهي. ولولا متطلبات العائلة ومسؤولية الأولاد لبقيت في رفقتها طوال اليوم دون ملل. والعكس صحيح مع الرجل وأصدقائه بحيث لا يكاد ينتهي النشاط الذي يقومون به حتى ينتهي الكلام ويسود الصمت.
فما هي ميزات صداقة الرجال وميزات صداقة النساء؟
لو راقبت قليلا كيف يكون أولادك الذكور والإناث صداقاتهم لكونت فكرة واضحة عن كيفية تعامل كل من الجنسين مع بعضهم البعض. فمثلا ستلاحظ أن ابنتك تستطيع أن تمضي ساعات طويلة برفقة صديقتها ليتحدثان وعند فراقهن تجد بعض الأسى والحزن، وقد أكدت الدراسات النفسية على عينة من الفتيات الصغار أن نوعية الكلام الذي يدور بينهن هو كلام من القلب ويختلط بالمشاعر والتعلق ببعضهن البعض ومشاركة أسرار بسيطة في الطفولة تتحول إلى أسرار جادة في مرحلة الصبا والنضوج، وبعد زواج الفتاة نجد أنها تفتح قلبها لصديقتها لتشاركها في مشاكلها الزوجية أيضا وتأخذ النصيحة منها وتطلب دعمها في معظم الأمور. إنه حوار من القلب وللقلب، إنها صداقة مميزة ووجدانية تحمل في طياتها الكثير من المشاعر، ولكن أيضا لا تخلو هذه العلاقة من الخطورة لأنها تعتمد على العواطف والتوقعات العالية، لذلك عندما يحصل خلل ما أو مشكلة بسيطة نجد تأثيرها على المرأة أكبر بكثير منها على الرجل.

والآن ماذا عن صداقة الرجال: عندما تبدأ صداقة الولد الصغير لصديقة تتكون بناء على نشاط معين يمارسونه سويا كلعبة كرة قدم مثلا أو أي نشاط آخر يجمعهم، ونادرا ما يدخلون في حوار قلبي وتعبير عن المشاعر بل يقتصر الكلام بينهم على الحوار العقلي المتعلق بحقائق ومعلومات عامة، وقد لا يفكر أحدهم بمكالمة تلفونية لمجرد الحديث فقط كما يحصل مع الفتيات، ويمتد هذا النمط التفكيري لما بعد الزواج بحيث يكتفي الزوج بعائلته وزوجته وعمله بينما تسعى المرأة لتكوين صداقات للعائلة وتكوين علاقات قوية مع سيدات يشاركنها أفكارها وطموحها ومشكلاتها.
قال أحد الأزواج: أنا اشعر بالغيرة حقا لمدى السعادة التي تبديها زوجتي عند زيارة إحدى صديقاتها لها، وأشعر أنني سأبكي وهي تودعها عند الباب وكأنها لن تراها مجددا. ورسالتنا اليوم لك أيها الرجل أن تتفهم حاجة زوجتك لصديقاتها وتعلقها بهن، وذلك ليس لأنها لا تكتفي بصداقتك بل لكون المرأة تحب أن تتشارك مع آخرين في حديث قلبي ولا تجد هذه الرغبة لدى الرجل الذي يتعامل مع الحقائق والأمور العملية فقط. اسمح لها بوقت مع صديقاتها، لكي تعود لك بمزاج جيد وقلب غير مثقل بالكلام المدفون.